بافتتاح الدورة الثانية والثمانين من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي مساء الأربعاء 27 أغسطس، عادت مدينة البندقية لتصبح القلب النابض لعشاق السينما وصنّاعها من مختلف أنحاء العالم. على مدى عشرة أيام، حتى 6 سبتمبر، تمتزج السجادة الحمراء ببريق النجوم مع عروض سينمائية مرتقبة، ليظل فينيسيا، أقدم مهرجانات الفن السابع، منصة تجمع بين التاريخ والابتكار.
متى وأين؟
تُقام الفعاليات كالمعتاد على جزيرة ليدو الساحرة، تحت إشراف La Biennale di Venezia وإدارة الناقد الإيطالي ألبرتو باربيرا، الذي حافظ على توازن المهرجان بين الصناعة الفنية والابتكار الجمالي. وتشهد هذه الدورة عودة قسم “فينيسيا كلاسيك” المخصص لترميم واستعادة الأعمال التي صنعت ذاكرة السينما العالمية.
لجنة تحكيم برئاسة ألكسندر باين
يتولى المخرج الأميركي ألكسندر باين، صاحب أفلام Sideways وNebraska، رئاسة لجنة التحكيم الرسمية. وقد صرّح بأن فينيسيا بالنسبة إليه “لا يزال المكان الذي تُقدَّم فيه السينما كفن حر وقوة إنسانية”. إلى جانبه، تضم اللجنة أسماء وازنة مثل ستيفان بريزي، ماورا ديلبيرو، كريستيان مونجيو، فيرناندا توريس، وتشاو تاو، فيما ترأس الفرنسية جوليا دوكورنو لجنة قسم “آفاق” (Orizzonti).
افتتاح وختام بنكهة أوروبية
الافتتاح جاء بفيلم “La Grazia” للمخرج الإيطالي باولو سورّينتينو، في تعاون جديد مع توني سيرڤيلو، بمزيج من الشعرية السينمائية والدراما الإنسانية. أما الختام فسيحمل توقيع المخرج الفرنسي سيدريك جيمينيز بفيلمه “Chien51”، ليمنح التوازن بين المحلية الإيطالية والانفتاح الأوروبي.
تكريمات الأسد الذهبي
هذا العام، يُمنح الأسد الذهبي للإنجاز مدى الحياة لاثنين من الرموز: المخرج الألماني فيرنر هرتزوغ، أيقونة السينما التجريبية، والنجمة الهوليوودية كيم نوفاك، التي ارتبط اسمها بتحفة هيتشكوك Vertigo. تكريم يعكس وفاء فينيسيا لمسيرة فنية تتجاوز حدود الأجيال.
سباق رسمي محتدم
تشتعل المسابقة الرسمية بقائمة من الأفلام المنتظرة، من أبرزها:
- “Frankenstein” لـ Guillermo del Toro، بطولة Oscar Isaac وJacob Elordi.
- “Bugonia” لـ Yorgos Lanthimos مع Emma Stone وJesse Plemons.
- “Jay Kelly” لنوح باومبخ مع George Clooney وAdam Sandler.
- “After the Hunt” لـ Luca Guadagnino مع Julia Roberts وAndrew Garfield.
- “The Smashing Machine” لـ Benny Safdie بطولة Dwayne Johnson وEmily Blunt.
- “A House of Dynamite” لـ Kathryn Bigelow.
- “Father Mother Sister Brother” لـ Jim Jarmusch مع Cate Blanchett وTom Waits.
- “The Wizard of the Kremlin” لـ Olivier Assayas مع Jude Law.
كما يشارك مخرجون بارزون مثل فرانسوا أوزون، بارك تشان-ووك، مونا فاستفولد، فاليري دونزيلي، وكوثر بن هنية.
خارج المنافسة والوثائقيات
خارج السباق، يحضر “Chien51” كفيلم ختامي، إلى جانب أعمال لجاك أوديار وبيتر مارشيلو. أما الوثائقيات فتشمل “Marc by Sofia” لصوفيا كوبولا عن Marc Jacobs، و*“Ghost Elephants”* لفيرنر هرتزوغ، و*“Nuestra Tierra”* للوكريسيا مارتيل، إضافة إلى “Dead Man’s Wire” لغاس فان سانت وفيلم قصير لـ Charlie Kaufman بعنوان “How to Shoot a Ghost”.
حضور إيطالي متألق
السينما الإيطالية تثبت حضورها عبر أعمال مثل “Elisa” لـ Leonardo Di Costanzo، بطولة Barbara Ronchi، و**“Duse”** لـ Pietro Marcello الذي يكرّم أيقونة المسرح Eleonora Duse. كما يعرض وثائقيان يعكسان حيوية المشهد المحلي: “Un film fatto per bene” و*“Sotto le nuvole”*.
مؤسسة البحر الأحمر: جسر عربي إلى فينيسيا
من أبرز محطات الدورة مشاركة مؤسسة البحر الأحمر السينمائي بخمسة أفلام مدعومة، منها:
- “هجرة” للمخرجة السعودية شهد أمين (برنامج فينيسيا سبوتلايت).
- “نجوم الأمل والألم” للبناني سيريل عريس (أيام المؤلفين).
- “رقية” للجزائري ينيس كوسيم، و**“ملكة القطن”** للسودانية سوزانا ميرغني (أسبوع النقاد).
- “ذاكرة الأميرة مومبي” للمخرج داميان هاوزر (أيام المؤلفين).
كما يشارك مشروع “طرفاية” لصوفيا علوي في سوق التمويل التكميلي، بينما يواصل “ماي سيمبا” مسيرته في برنامج فاينال كت.
وأكد الرئيس التنفيذي للمؤسسة فيصل بالطيور: “هذا الحضور يعكس قوة الشراكة ودور المؤسسة في دعم صنّاع الأفلام ذوي الرؤى الإبداعية من المنطقة والعالم.”
فينيسيا… البوصلة المستمرة
منذ انطلاقه عام 1932، ظل مهرجان فينيسيا بمثابة بوصلة تسبق الجوائز العالمية الكبرى، حيث شكلت عروضه الأولى منصة لأفلام حصدت لاحقًا الأوسكار. دورة 2025 تعيد تأكيد مكانة المهرجان كجسر بين الحلم السينمائي والواقع الثقافي، حيث تلتقي السياسة بالفن، والصناعة بالإبداع، والمحلية بالعالمية.