أنجلينا جولي تتوَّج بريق شوبارد في كان 2025: أناقة، رسالة، وتكريم لأصوات الغد
في واحدة من أبهى ليالي مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ78، اختلط سحر السينما برقيّ المجوهرات، خلال أمسية “Trophée Chopard” الفاخرة التي احتضنها شاطئ فندق كارلتون. الأمسية التي أضاءت رمال الكوت دازور بنجومها، اختارت هذا العام أن تكون أكثر من مجرد احتفال بالجمال والموهبة؛ بل أن تكرّس السينما كوسيلة تعبير إنسانية عميقة، تقاوم النسيان وتحمل القصص عبر الحدود.
في قلب هذا المشهد الفخم، تألقت النجمة العالمية أنجلينا جولي، ضيفة الشرف والمقدمة الرسمية لجائزة شوبارد، حيث أسدلت الستار على لحظة مؤثرة بتقديمها للمواهب الصاعدة ماري كولومب وفين بينيت، وهما وجهان جديدان يخطوان بثبات نحو مستقبل واعد في صناعة السينما.
“السينما أكثر من فن… إنها أداة إنسانية”
كلمات أنجلينا جولي أمام الحضور لم تكن مجرد خطاب رسمي، بل إعلان موقف إنساني وفني، عبّرت فيه عن جوهر ما تعنيه لها السينما قائلة:
“السينما قادرة على أن تنقلنا إلى عوالم جديدة، وتضعنا داخل لحظات خاصة، حتى في قلب المعارك. نتواصل ونتعاطف من خلالها، وهذا ما يجعلها أكثر من مجرد فن… بل أداة إنسانية”.
وفي حضرة أسماء سينمائية كبرى مثل رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش، ونجوم مثل هالي بيري، جيريمي سترونغ، وكوينتن تارانتينو، استطاعت جولي أن تصوغ لحظة نادرة من التواضع والعاطفة، أعادت فيها الاعتبار لمفهوم الفنان كصوت للإنسانية قبل أن يكون نجمًا للشاشة.
تحية للذين رووا الحكاية بأرواحهم
في لفتة نبيلة تحمل بُعدًا سياسيًا وأخلاقيًا، استذكرت جولي عددًا من الفنانين الذين فقدوا حياتهم أثناء توثيق مآسي شعوبهم:
- فاطمة حسونة من غزة
- شادين جاردود من السودان
- فيكتوريا أمالينا من أوكرانيا
وقالت جولي:
“نحن مدينون لهؤلاء الذين يخاطرون بحياتهم لإيصال صوتهم، لأنهم ساعدونا على أن نفهم ونتطوّر”.
كانت لحظة صمتٍ وامتنان داخل الحفل، نادرة في سهرات الأناقة، لكنّها أعادت للجائزة معناها الأعمق: تكريم من يجعل السينما أداة للحق، لا فقط للضوء.
25 عامًا من شوبارد… ومنح الضوء للأصوات الصاعدة
تمثل جائزة Trophée Chopard التي أُطلقت سنة 2001 شراكة ناعمة بين مهرجان كان ودار شوبارد السويسرية، وتهدف إلى تسليط الضوء على الوجوه الشابة في عالم التمثيل. هذه السنة، في ذكراها الـ25، اختارت الجائزة الفرنسيّة ماري كولومب والبريطاني فين بينيت، اللذَين انضما بذلك إلى قائمة مرموقة من الأسماء التي سبق أن نالت هذا التكريم، بينهم:
- فلورنس بيو
- ماريون كوتيار
- ليّا سيدو
وقد تميز الحفل بأناقته الكلاسيكية، وبتنظيم دقيق على شاطئ كارلتون، حيث تمازج ضوء القمر مع الأضواء السينمائية، في مشهد يليق بجوهر المهرجان.
أجيال تلتقي… بينيت وكولومب في حضرة جولي
لم تقتصر روعة اللحظة على الأزياء أو الجوائز، بل على ذلك الاتصال الإنساني البسيط بين المكرّمين ومقدمة الجائزة.
قال فين بينيت، نجم مسلسل “One Day”، بتأثر:
“كنت مذهولًا من هدوئها وثقتها وسط كل هذه الأضواء. تمنيت فقط أن أسألها كيف تفعل كل ذلك”.
أما ماري كولومب، فوصفت صعودها برفقة جولي إلى السجادة الحمراء بـ”اللحظة الخيالية”، مضيفة:
“أنجلينا كانت مذهلة بكل المقاييس، لكن حين تحدثت معها، شعرت أنها إنسانة بسيطة ودافئة”.
هذا التفاعل العفوي جسّد ما تسعى إليه الجائزة: نقل الشغف من جيل إلى آخر، دون بهرجة أو قشور.
درس في السينما… ونصيحة باللغة الفرنسية
قبل مغادرتها المسرح، شاركت جولي الجمهور بإحدى اللحظات الشخصية من بداياتها الفنية، حين نصحتها الممثلة البريطانية جاكلين بيسيت بقولها:
“تعلمي الفرنسية، وشاركي في أفلام فرنسية”.
وهو ما علّقت عليه جولي بابتسامة:
“لم أتعلم الفرنسية كما يجب، لكني ما زلت أحاول… وما زلت أؤمن أن السينما الفرنسية منبع إلهام لا ينضب”.
بين المجوهرات والروح… أمسية تكتب فصلاً جديدًا في معنى الاحتفاء
ليلة شوبارد 2025 لم تكن فقط تتويجًا لوجه جميل أو أداء مبهر، بل احتفالًا بالإنسان خلف القصة، والممثل الذي لا يخشى أن يكون ناقلًا للألم والأمل. وفي هذا السياق، برزت أنجلينا جولي، لا كممثلة أو نجمة، بل كصوت يحمل رسالة: أن تلمع، لا يعني أن تنسى من لا صوت لهم.
ويبقى مهرجان كان – في مثل هذه اللحظات – أكثر من مهرجان. هو مساحة للعالم كي يروي نفسه من جديد، عبر عدسات وقلوب ما زالت تؤمن أن للسينما وزنًا، وواجبًا، وجمالًا يتجاوز الظاهر.