السينما العربية تتألق في مهرجان كان السينمائي 2025: حضور لافت وجوائز مستحقة
شهدت الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي حضورًا عربيًا لافتًا، خطف الأنظار وترك بصمة مؤثرة سواء على مستوى العروض أو الجوائز والتكريمات. تميّز هذا العام بإشادة نقدية واسعة لعدد من الأعمال العربية التي عُرضت ضمن مختلف أقسام المهرجان، ما عكس تنامي الحضور العربي ومتانة الإنتاجات السينمائية القادمة من المنطقة.
العراق في قلب الحدث: تتويج لفيلم “كعكة” وتألق متصاعد
حصد الفيلم العراقي “كعكة” للمخرج حسن هادي جائزة الجمهور في تظاهرة “أسبوع المخرجين”، في إنجاز عكس عمق التفاعل مع السينما العراقية التي تميزت هذا العام بحضور متزايد وفعال. الفيلم يروي قصة مؤثرة لرحلة طفلة عراقية فقيرة تُكلف بإعداد كعكة لمناسبة عيد ميلاد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ضمن سرد يلتقط التوترات النفسية والاجتماعية في تلك المرحلة التاريخية من عام 1977.
ولم يقتصر الحضور العراقي على المسابقة فقط، بل شهد المهرجان أيضًا عرضًا لفيلم “سعيد أفندي” ضمن تظاهرة “كلاسيكيات مهرجان كان”، بالإضافة إلى إقامة “الخيمة العراقية” للمرة الأولى، بمبادرة من مجلس الوزراء العراقي وبتنظيم من مهرجان بغداد السينمائي، لتكون محطة فنية وثقافية جمعت صناع السينما العرب والدوليين.
السينما الفلسطينية: صمود فني وتقدير عالمي
من جهتها، تألقت السينما الفلسطينية عبر مشاركة مميزة في جناح خاص، تضمن عددًا من العروض والأفلام المؤثرة أبرزها “حدث ذات يوم في غزة” للأخوين عرب وطراز ناصر، والذي فاز بجائزة أفضل إخراج ضمن مسابقة “نظرة ما”. كما كرّم المهرجان الصحافية الراحلة فاطمة حسونة التي استشهدت أثناء تغطيتها للعدوان على غزة، ضمن لفتة إنسانية شهدت حضورًا إعلاميًا مكثفًا.
المخرجة الفلسطينية أريح السحيري حضرت أيضًا بفيلمها “أرض بلا سماء”، بينما قدّمت حفيظة حرزي فيلم “الأخت الصغرى” ضمن مسابقة الأفلام القصيرة، وأكد المخرج رشيد مشهراوي أن السينما الفلسطينية ستبقى صوتًا للواقع تحت الحصار، ومجالًا فنيًا يقدّم معاناة غزة بلغة إنسانية عابرة للحدود.
المشاركات المغاربية والمصرية: تظاهرات قوية وعروض مشرفة
شهدت المسابقات الرسمية عرض فيلم “نسور الجمهورية” للمخرج السويدي من أصول مصرية طارق صالح، فيما تألقت السينما التونسية بحضور لافت عبر المخرجة أريح السحيري، والممثلة التونسية الفرنسية حفصة حرزي.
كما قدّم المخرج المصري مراد مصطفى فيلم “عاشت لا تستطيع الطيران”، وشارك المخرج سعيد بوموتاك بفيلم “سعيد بموتك الآن”، فيما عرض المخرج المصري نديم معروفي فيلم “الحياة بعد سهام”.
الدول العربية: حضور رسمي ونقاشات حيوية
وسجّلت دول الخليج والمغرب العربي حضورًا مميزًا هذا العام، مثل السعودية، قطر، مصر، فلسطين، المغرب وتونس، حيث نظّمت أجنحة هذه الدول سلسلة من اللقاءات، الورش والعروض، جمعت المهنيين والنقّاد وصناع السينما.
النجم العربي حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، حضر أيضًا إلى “كان” وتابع الفعاليات بكثافة، مؤكدًا في تصريحاته أن “السينما العربية باتت رقماً صعباً في المعادلة الفنية العالمية”.
الخلاصة: العرب في قلب كان… ورايات الأمل ترتفع
تُختتم الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي بحصيلة مبهرة للسينما العربية، إذ تحوّل حضور الشباب والمواهب الجديدة إلى رهانٍ جاد على مستقبل المنطقة الفني. لم يكن مرور العرب في هذا الحدث العالمي مجرّد صور على السجادة الحمراء، بل مشاركة فعّالة نابعة من العمق الإبداعي، والتزام فني يُبشر بانطلاقة جديدة وواعدة للسينما العربية.