جعفر بناهي يتوّج بالسعفة الذهبية في مهرجان كان 2025: نصر للسينما الحرة ومغزى يتجاوز الشاشة

 

في ختام حافل بالعاطفة والتصفيق الطويل، توّج مهرجان كان السينمائي مساء السبت 24 مايو 2025، المخرج الإيراني جعفر بناهي بـالسعفة الذهبية، الجائزة الأرفع في هذا المحفل السينمائي العالمي، عن فيلمه اللافت “حادث… لا أكثر” (It Was Just An Accident)، في خطوة وُصفت من قبل النقاد بـ”انتصار للسينما الحرة، وللفن الذي لا يخضع للصمت ولا ينكسر أمام القمع”.

فيلم… ينظر في عيون الجلاد بعيون معصوبة

يروي بناهي في فيلمه الجديد قصة خمس شخصيات تلتقي مصادفة في حفل، وتعتقد أنها قد تعرّفت على المدعي العام الذي أشرف على تعذيبهم في أحد المعتقلات. لكن، ولأنهم كانوا معصوبي الأعين أثناء احتجازهم، لا أحد منهم يستطيع التأكد من هويته.

هذه الفرضية البسيطة تتحول إلى مساحة مكثفة من التشكيك، الهلوسة، والبحث عن العدالة وسط ضباب الشك. مرة أخرى، يبرع بناهي في تفكيك بنية السلطة، عبر قصة تقف على الحد الفاصل بين الحقيقة والتوهم، وتُسائل مسؤولية الذاكرة والهوية والنجاة.

من الحظر إلى المجد… مسيرة تتحدى الصمت

يحمل فوز بناهي هذه السنة وزنًا يتجاوز القيمة الفنية للفيلم. هو تتويج لرحلة سينمائية دفعت ثمنها من الحرية، حيث واصل بناهي، ومنذ اعتقاله الأول عام 2010 بتهمة “الدعاية ضد النظام”، صنع أفلامه في الظل، متحديًا الحظر والمنع، مصوّرًا في بيته، بسيارات الأجرة، أو حتى عبر رسائل محمولة بوسائط رقمية.

وقد شكّل اعتقاله الأخير عام 2022، والذي امتد حتى 2023، محطة مأساوية في حياته، أعلن خلالها إضرابًا عن الطعام للضغط من أجل حريته. ومع ذلك، لم يتراجع، بل عاد إلى الشاشة الكبرى بقوة مدهشة، مزاوجًا بين الحس السياسي والرؤية السينمائية المتقشّفة التي لطالما ميزته.

السعفة الذهبية: اعتراف بالالتزام الفني ونداء للحرية

فوز “حادث… لا أكثر” بالسعفة الذهبية لا يمكن فصله عن السياق السياسي والإنساني. هو بمثابة رسالة من كان إلى العالم: السينما لا تُملى عليها القوانين، ولا تُسجن، بل تظل النافذة المفتوحة على الحقيقة.

كما أنه تكريم لمسيرة فنية بدأت بـ”الدائرة”، وبلغت ذروتها في “تاكسي طهران”، وها هي تعانق الخلود بـ”حادث… لا أكثر”

Leave A Reply

Your email address will not be published.