كان 2025: أفلام تتناوب بين القيامة والطفولة والغموض… ويوم طويل ينبض بالسينما من الشروق حتى ما بعد منتصف الليل

في مشهد سينمائي متدفق لا يعرف التوقف، شهدت الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي اليوم، الجمعة 23 مايو 2025، أحد أكثر أيامها ازدحامًا وزخمًا، من حيث الكم والنوع، حيث تنوعت العروض بين المسابقة الرسمية وقسم “نظرة ما” والعروض الخاصة، وصولًا إلى أفلام قصيرة وأخرى كلاسيكية تحتفي بتاريخ الفن السابع.

انطلقت أولى العروض في الساعة 09:30 صباحًا، وتواصلت على مدى أكثر من 15 ساعة متواصلة، في يومٍ أرادته إدارة المهرجان احتفاءً صريحًا بفلسفة السينما كحياة، لا كحدث.

“القيامة” و”المرأة والطفل”: دراما الواقع في سباق النخلة الذهبية

تصدر المشهد في المسابقة الرسمية اليوم فيلم “القيامة – Resurrection” للمخرج الفرنسي الإيراني بي جان، الذي عُرض في المسرح الكبير (Grand Théâtre Lumière) صباحًا وسط حضور كثيف ونقاشات مبكرة حول فرصه لنيل السعفة الذهبية. الفيلم يمزج بين الرمزية الصوفية والتوتر الاجتماعي، في حكاية رجل يختفي عن العالم ثم يعود ليواجه أطياف ماضيه وأخطاءه.

أما فيلم “المرأة والطفل – Zan O Bacheh” للمخرج الإيراني سعيد روستائي، فكان أحد أكثر الأعمال إثارة للاهتمام اليوم، بعروضه المتعددة في كل من Cineum Imax وArcades 1 وLicorne. يعالج الفيلم معاناة النساء والأطفال في ظل الصراعات القومية والتهجير، ويعتمد على أداء آسر لمجموعة من الممثلات غير المحترفات، مما منحه طابعًا وثائقيًا يتقاطع مع درامية عالية الحساسية.

وفي عرض آخر مرتقب، قُدّم فيلم “The History of Sound” للمخرج أوليفر هيرمانوس في قاعة Cineum Aurore، حيث يستكشف تاريخ الحب والحرب في عالم مضطرب خلال الحرب العالمية الأولى، برؤية بصرية شاعريّة، وسيناريو مقتبس عن قصة قصيرة أثارت الجدل عند صدورها.

قسم “نظرة ما”: مساحات جديدة للتجريب والسرد المختلف

بينما تتجه الأنظار إلى المسابقة الرسمية، يواصل قسم “نظرة ما – Un Certain Regard” أداء دوره كحاضنة لأصوات وتجارب سينمائية مختلفة. برز اليوم فيلم “كارافان” للمخرجة السلوفاكية زوزانا كيرشنيروفا، الذي يتناول رحلة لاجئين على أطراف أوروبا الشرقية، بأسلوب شاعري صامت تقريبًا.

وشارك أيضًا “الرؤيا الغامضة للفلامنكو” للمخرج دييجو سيسبيديس، الذي دمج بين الرقص والغموض والهوية الثقافية في سرد غرائبي، إلى جانب الفيلم المشترك الإيطالي-الفرنسي “رؤوس أو ذيول؟” للمخرجين ماتيو زوبّيس وأليسيو ريجو دي ريجي، الذي قدّم حكاية فلسفية عن الحظ، المصير، والعلاقات البشرية في إطار درامي ساخر.

عروض خاصة… أفلام تحتفل باللحظة وتختبر حدودها

في قسم العروض الخاصة، سُجل حضورٌ قوي لأعمالٍ اختارت أن تتكلم عن الحياة في لحظتها الأشد هشاشة. كان أبرزها الفيلم الجديد “حياة خاصة – Private Life” للمخرجة ريبيكا زلوتوفسكي، وهو نسخة محدثة من عمل سابق لها، حيث تدمج السيرة الذاتية بالتجريب الفني.

كذلك عُرض فيلم “ألوان الزمن – Couleurs du Temps” للمخرج الفرنسي سيدريك كلابيش، في أكثر من صالة، مستعرضًا كيف يمكن للزمن أن يكون حليفًا وجانيًا في آنٍ واحد، من خلال علاقة تجمع فنانة مسنّة بطالب فنون يحاول اكتشاف ذاته.

الكلاسيكيات تتحدث بلغة المجد

قسم “كان كلاسيك” لم يكن غائبًا عن المشهد، حيث استعاد عشاق السينما متعة مشاهدة “Barry Lyndon” لستانلي كوبريك بنسخة مرممة أبهرت الحضور، وكذلك الفيلم الجزائري الملحمي “وقائع سنين الجمر – Chronicle of the Years of Embers” للمخرج محمد الأخضر حمينة، في تكريم مزدوج للسينما العربية والكلاسيكية.

وفي الفترة الصباحية والظهيرة، تابع الجمهور باقة من الأفلام القصيرة المشاركة في المسابقة، من بينها:

  • “I’m Glad You’re Dead Now”: كوميديا سوداء تتناول الموت من منظور طفل.
  • “Hypersensitive”: فيلم تجريبي عن العزلة الحسية في المدن الكبرى.
  • “Arguments in Favor of Love”: تأمل سينمائي شاعري في العلاقات العاطفية الحديثة.

ختام اليوم: سينما بعد منتصف الليل

اختُتم اليوم بعرضين رئيسيين، أولهما فيلم “The Mastermind” للمخرجة الأميركية كيلي رايشارد، والذي أُقيم في المسرح الكبير عند الساعة 19:45، وتناول قصة ناشطة سياسية في حقبة السبعينيات، بين النضال والانهيار الداخلي.

أما مسك الختام فكان مع فيلم “13 Jours 13 Nuits” للمخرج مارتن بوربولون عند الساعة 22:45، يليه عرض منتصف الليل المرتقب لفيلم “Honey Don’t!” للمخرج الشهير إيثان كوين، الذي اختار العودة إلى الكوميديا السوداء بأسلوبه الساخر والمتمرد.

Leave A Reply

Your email address will not be published.