في ليلة من ليالي التألق الفني بمهرجان كان السينمائي الـ78، خطفت الممثلة الفرنسية نادية مليتي، البالغة من العمر 23 عامًا، الأضواء بحصولها على جائزة أفضل ممثلة عن دورها الأول في فيلم “La petite dernière” (الأخت الصغيرة) للمخرجة حفصية حرزي.
هذه الجائزة ليست مجرد اعتراف موهبتها الشابة، بل هي تكريم لقصة إنسانية عميقة تحمل رسائل قوية عن الحرية، الهوية، والبحث عن الذات، وهي القيم التي تجسّدها نادية بإتقان في دور فاطمة، فتاة مسلمة تبلغ من العمر 17 عامًا تكتشف مثليتها الجنسية في مجتمع محافظ.
رحلة نادية مليتي: من طالبة رياضية إلى نجمة سينمائية
لم تكن نادية مليتي ممثلة محترفة قبل هذا الفيلم، بل كانت طالبة رياضية تم اكتشافها بالصدفة خلال اختبار أداء، حيث استطاعت أن تنقل مشاعر وأحاسيس شخصيتها بأداء طبيعي مؤثر جعلها تخطف قلوب لجنة التحكيم والنقاد والجمهور.
في مقابلة لها خلال المهرجان، قالت نادية:
“عندما قرأت الرواية التي استند إليها الفيلم، شعرت باتصال فوري مع القصة لأنها أثرت فيّ بعمق. شعرت بالانتماء لهذا السعي للتحرر، وبالقرب من شخصية فاطمة بسبب خلفيتها الاجتماعية ومحيطها.”
فيلم “La petite dernière”: صوت جديد لقضايا المجتمع والهوية
الفيلم مأخوذ عن رواية سيرة ذاتية للكاتبة فاطمة دعاس، التي صدرت في عام 2020، ويقدم سردًا قويًا لحياة فتاة شابة تواجه صراعًا داخليًا وخارجيًا مع هويتها الجنسية وسط الضغوط الاجتماعية والدينية.
من خلال شخصية فاطمة، يعكس الفيلم الواقع المعقد الذي يعيشه كثيرون في المجتمعات المحافظة، مسلطًا الضوء على رحلة البحث عن القبول الذاتي والحرية الشخصية، وهي مواضيع حساسة تتطلب حساسية وفهمًا عميقًا في التقديم.
تأثير الفوز: رسالة أمل وتغيير
حصول نادية مليتي على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان عالمي بحجم كان هو بمثابة رسالة قوية بأن السينما اليوم تفتح آفاقًا جديدة لتقديم قصص تمثل التنوع والاختلاف، وأن صوت النساء والشباب من خلفيات متعددة له أهمية كبرى في صناعة الفن.
هذا الفوز يفتح الباب أمام نادية لتحقيق المزيد من النجاحات في عالم السينما، كما يسلط الضوء على المخرجة حفصية حرزي التي استطاعت أن تحكي قصة غير مألوفة بحساسية وجرأة فنية.
نادية مليتي ليست فقط نجمة واعدة، بل هي صوت يعكس واقع كثير من الشباب الذين يبحثون عن هويتهم وسط تحديات اجتماعية وثقافية. من خلال أدائها المتميز، استطاعت أن تقدم صورة صادقة وإنسانية لشخصية فاطمة، ليكون فيلم “La petite dernière” علامة فارقة في مهرجان كان 2025، وملهمًا لكل من يؤمن بقوة السينما كأداة للتغيير والتنوير.